البيولوجيا الرقمية هل ستكون الأساس لصناعة الأدوية المستقبلية؟

د. احمد  ابراهيم(*)

في سبعينيات القرن الماضي، وبعد اكتشاف التركيب الدقيق للحمض النووي، وبدء عصر الجينات، وتدخل الرياضيات والحوسبة لدعم تلك المسيرة المهيبة، والتطور الرهيب الحاصل في فهمنا لعلوم المخ والأعصاب، كانت البيولوجيا مركز تأمل الجميع في الوسط العلمي، واستشرفت إمكانات واعدة في النظرية والتطبيق، هنا انزاحت فلسفة العلم قليلا عن بعض العلوم وظهرت الحاجة لفلسفة تقوم بنقد وتفسير المنهج العلمي في حالة البيولوجيا، كعلم يسأل أسئلة أكثر تنوعا واختلافا.

ومن هذه الاسئلة، هل يمكن اختزال الظاهرة البيولوجية إلى تفاعلات بيوكيميائية تحدث في جسم الإنسان؟ ما هي الحياة؟ هل من الأخلاقي أن نقتل هذا الكم الضخم من الفئران والقردة من أجل الحصول على نتيجة علمية ما؟ وهل يمكن أن يقودنا ذلك بشكل ما إلى تجريب غير أخلاقي على البشر؟ للاجابة على الاسئلة سوف نحتاج للالتزام بمنهجية مبنية على فهم الجذور البيولوجية لتلك المشكلات.

تناول الأطروحات العامة في العلم في سياق البيولوجيا، بمعنى أن البعض مثلا يمكن أن يستخدم فكرة عدم قدرتنا على اختزال علم الوراثة المندلي إلى البيولوجيا الجزيئية لتطبيقها بشكل عام يمكننا من القول إنه لا يمكن اختزال العلوم التطبيقية والمتخصصة إلى جذورها الأساسية، أو أن تستخدم الثورة الجزيئية في البيولوجيا والتي تحيل كل الحياة لترابط جزيئات الحمض النووي كي يثبت صحة الاختزالية.

تهتم البيولوجيا الجزيئية أو علم الأحياء الجزيئي بشكل أساسي بدراسة التفاعلات والعلاقات بين الحمض النووي منزوع الأكسجين (DNA) والحمض النووي غير منزوع الاوكجسين والبروتينات التي تُبنى باستخدام تعليمات وراثية مرمزة والتي تتشكل منها هذه الأحماض الامينية (RNA). اما البيولوجيا النظرية فتقوم على اساس تطبيق البنيات الرياضياتية والحوسبة وبناء نماذج تتمكن من محاكاة نظام حيوي. وفي ثمانينيات وتسعينيات القرن الفائت مع التطور السريع والثوري في علوم الجينات والأعصاب والبيولوجيا الجزيئية والمناعة ظهر التجريب واتخذ مكانا قويا في البيولوجيا. وهنا ظهرت مدرسة التجريبية الجديدة والتي ترتكز على عدة نقاط هامة، لكن يقع في مركزها جميعا القول إن التجربة هي أمر مستقل عن النظرية، وهي غير مستغلة بشكل واسع؛ فالتجربة لا تقرر فقط صدق النظريات؛ وإنما تحمل دورا استكشافيا، لذلك على المجرب أن يخلق بعض الظواهر فربما عبر “تجربة غير مسبوقة او جريئة ” تخرج كشوف جديدة، يمكن القول إذن إن التجارب التي تقودها النظريات تترك فقط مساحة صغيرة للنتائج غير المتصورة بشكل مسبق، هكذا يمكن للتجربة نفسها أن توجه خط سير العملية العلمية لطريق جديد مختلف؛ بدلا من محاولة الإجابة على سؤال نظري ما.

ومن خطط التنمية المستدامة التي تعمل بها المنظمات العالمية حتى عام 2030، حيث يبرز جليا الدور المتعاظم الذي تؤديه التكنولوجيا عموما، والتكنولوجيا الرقمية خصوصا، لتحقيق الأهداف في التنمية المستدامة. فقد أضحى لزاما صياغة سياسات وخطط وطنية تواكب هذا التقدم التكنولوجي، بغية تطويعه في تحقيق التنمية والرفاه لكل أفراد المجتمع. وينتقل ذلك بنا إلى الاهتمام بصناعة الادوية المستقبلية وتطويرها, حيث يعرف الدواء بحسب القانون الأمريكي بأنه أي مادة (عدا عن الطعام أو الأجهزة والأدوات) معدّة للاستعمال في التشخيص أو الاستشفاء أو التسكين أو العلاج أو الوقاية من المرض، أو تهدف إلى التأثير في بنية الجسم أو وظيفته. فمثلا حبوب منع الحمل مثالٌ عن الأدوية التي تؤثر في وظيفة الجسم، وليس في المرض. هذا التعريف الشامل للدواء، رغم أنَّه مهم لأغراضٍ قانونية، إلَّا أنه معقد وليس للاستخدام اليومي. ولذلك، هناك تعريف أكثر بساطة لكنه عملي  للدواء، وهو أنه أي مادة كيميائية أو بيولوجية تؤثر في الجسم وعملياته.

 وتعرف المكملات الغذائية (مثل الأعشاب الطبية والمكملات والمضافات الغذائية) على انها منتجات مخصصة لدعم النِّظام الغذائي. وقد تحتوي هذه المنتجات على الفيتامينات أو الأحماض الأمينية أو المعادن أو الأعشاب أو المواد المشتقة من النباتات الأخرى (المستحضرات النَّباتيَّة). لكن، نتيجةً لعدم تصنيف المكملات الغذائية ضمن الأدوية، فإنها لا تحتاج إلى موافقة هيئة الغذاء والدواء قبل تسويقها، ولا تحتاج إلى الخضوع لنفس المعايير التي تواجهها الأدوية من حيث السلامة والفعالية.

أولت شركات الصيدلة الكبرى في العالم مثل فايزر (Pfizer) وجونسون آند جونسون (Johnson & Johnson) وعلى مدى تاريخها اهتماما بالغا بإجراء أبحاث معمقة في البيولوجيا الجزيئية لأهميتها البالغة لهذه الشركات، حيث يدخل هذا العلم في صناعة عدد كبير من الأدوية والعلاجات التي تنتجها أو تسعى لإنتاجها في المستقبل. وتخضع عملية تطوير الادوية الى مراحل مختلفة، فمنها تجرى دراسة لمعرفة مدى فائدة استعمال دواءٍ مكتشفٍ أو مصنع في معالجة اضطراب ما على حيوانات المختبر (تسمى مرحلة التطوير المبكر). ويعمل التطوير المبكّر على جمع المعلومات المرتبطة بطريقة عمل الدواء، ومدى فعاليته، والآثار السامة الناجمة عن استعماله، بما فيها التأثيرات المحتملة في القدرة الإنجابية وصحة النسل. وتستبعد الكثير من الأدوية في هذه المرحلة لما تظهِره من سمية شديدة أو من عدم فعالية.

وللموافقة على الدواء اذا توصلت الدراسات إلى أن الدواء فعال وآمن، فإن طلبا لاستعمال دواء جديد (متضمنا بيانات التجارب على الحيوان والإنسان وإجراءات تصنيع هذا الدواء، ومعلومات وصفه، ونشرة معلومات المنتج), يُقدم إلى هيئة الغذاء والدواء FDA، التي تستعرض جميعَ المعلومات، وتقرر ما إذا كان الدواء فعالًا وآمنًا إلى الدرجة التي تسمح بالموافقة على تسويقه. ويصبح الدواءُ جاهزًا للاستعمال إذا نال موافقة هيئة الغذاء والدواء. وتستغرق هذه الإجراءاتُ نحو عشرة أعوام عادة. لا يتجاوز عدد الأدوية التي يسمح بتجربتها على البشر خمسة أدوية في المتوسط من أصل (4) آلاف دواء تجرى دراستها في المختبرات عادةً. وينال دواءٌ واحدٌ تقريبًا من كلِّ خمسة أدوية جُرِّبت على البشر الموافقة على الاستعمال بعدَ اعتماده.

وتستقطب أمازون (Amazon) وغوغل (Google) ومايكروسوفت (Microsoft) حاليا علماء البيولوجيا والمعلومات الحيوية من أفضل المؤسسات الأكاديمية في العالم، وتدفع لهم مبالغ خيالية لإجراء الدراسات والأبحاث المتخصصة، حيث تسعى هذه الشركات لاستخدام قدراتها الهائلة على جمع وتحليل البيانات لإجراء الأبحاث العلمية والتطبيقية المتعلقة بصناعة الأدوية التي تعتمد بشكل أساسي على البيولوجيا الجزيئية، مستخدمة في ذلك الحوسبة السحابية والتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي للتأثير على قطاع الرعاية الصحية في العالم كله، وذلك كما ذكرت منصة “أناليتكس إنديا ماغ.” (AnalyticsIndiaMag) في تقرير لها مؤخرا. ومن جهة اخرى فان عمالقة التكنولوجيا في العالم بدأوا في السنوات الأخيرة يدخلون بقوة في هذا الميدان بسبب الأرباح الكبيرة الكامنة فيه، حيث وصل حجم سوق الأدوية العالمي في العام 2020 إلى تريليون و228 مليارا و45 مليون دولار، وذلك كما ذكر تقرير السوق العالمية للأدوية للعام الماضي. وقال التقرير إنه نظرا للأموال الهائلة والموارد غير المحدودة والتقنيات المتقدمة التي يملكها عمالقة التكنولوجيا، فإنهم مهيؤون تماما للسيطرة على ميدان البيولوجيا الجزيئية، ومؤخرا أطلقت شركة ألفابت (Alphabet) برنامجا خاصا اسمته “ألفا فولد 2” (AlphaFold 2.0) يتكون من خوارزميات قائمة على الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بشكل البروتينات، وقد انطلق المشروع عام 2016، ويتوسع منذ ذلك الحين مما يفتح آفاقا جديدة أمام قطاع صناعة الأدوية.

وفي هذا السياق، دعا معهد آلان تورينج (Alan Turing) البريطاني إلى مشاريع تجريبية تستخدم الذكاء الاصطناعي في البيولوجيا الجزيئية لمعالجة الجوانب الأكثر أهمية في علاقة الجينات بالبيولوجيا مثل دراسة بنية ووظيفة الجينات، والتفاعل الجزيئي الذي يحدث داخل الخلايا، وكذلك بحث دور البروتينات وشكلها ووظيفتها، وإمكانية تطوير أدوات التصوير الدقيقة المستعملة في مراقبة هذه التفاعلات داخل الخلايا.

واثر الذكاء الاصطناعي في علوم الأحياء حيث أدرك المختصون في شركة ديب مايند، أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي طورتها شركته أصبحت لديها قدرة قد تسهم في حل المشاكل الأساسية. وكانت معرفة بنية البروتينات ثلاثية الأبعاد إحدى هذه المعضلات التي كانت عائقا أمام الباحثين طيلة 50 عاما. ويستخدم العلماء تقنيات معقدة ومكلفة للغاية لمعرفة الشكل الدقيق لكل بروتين داخل جسم وكيفية عمله ثم تصميم أدوية خاصة بأي خلل قد يصيبه. غير أن اكتشاف الشكل التركيبي لأحد هذه البروتينات يتطلب سنوات من العمل الدؤوب الشاق. من جانب اخر وباستثمار بلغ 100 مليون دولار، أطلقت مؤسسة إنفيديا  المتخصصة في أبحاث الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع جامعة كامبريدج البريطانية أقوى حاسوب في تاريخ المملكة المتحدة أسمته “كامبريج”، لتمكين العلماء وخبراء الرعاية الصحية من اكتشاف أدوية وعقاقير جديدة، فضلا عن رقمنة الحامض النووي إلى تسلسلات من مليارات الجزئيات في محاولة جادة لتسريع ثورة البيولوجيا الرقمية. ومن جهتها، أطلقت شركة مايكروسوفت، بالتعاون مع جامعتي أكسفورد وبرينستون البريطانيتين محطة خاصة تحت اسم “ستيشن بي” (Station B platform) والتي تم تطويرها في مركز أبحاث مايكروسوفت بجامعة كامبريدج، وهي أول منشأة متخصصة للبيولوجيا الجزيئية لمايكروسوفت، وتعمل على تحسين برمجة الأنظمة البيولوجية المستخدمة حاليا وتطويرها إلى مستويات جديدة.

أما أمازون، فإن استحواذها على شركة بيل باك (PillPack) كذلك إطلاق صيدلية أمازون الرقمية في العام الماضي، يشيران إلى الاهتمام الكبير الذي توليه الشركة لقطاع الصناعة الدوائية، وذلك كما ذكر التقرير خلال تتبعه لنشاط عمالقة التكنولوجيا في هذا المجال. اما الكعكة الشهية فمن المتوقع أن يصل حجم سوق صناعة الأدوية العالمي إلى تريليون و700 مليار و97 مليون دولار في عام 2025 بمعدل نمو سنوي مركب قدره 8%، وذلك كما ذكر تقرير السوق العالمية للأدوية الآنف الذكر، ويريد عمالقة التكنولوجيا في العالم حصتهم منها، بل يضعون أعينهم على اقتطاع جزء كبير من الكعكة الشهية. إضافة إلى ذلك فإن القطاع الدوائي يوفر ثروة ضخمة من البيانات الحقيقية التي تحتاجها هذه الشركات بشدة في أبحاثها عن التعلم الآلي، واسترجاع المعلومات الذكية، وتصميم الخوارزميات، وغيرها من مجالات الذكاء الاصطناعي المتعطش للبيانات.

وتعد معرفة الشكل ثلاثي الأبعاد الخاص بالآليات الخلوية، كالبروتينات وغيرها، أساسا لفهم وظيفتها. كما أنها حجر الزاوية في تصميم أدوية جديدة. وفي الحقيقة، فإن شركات صناعة الأدوية الكبرى في العالم تحتاج للتقنيات المتطورة جدا التي يملكها عمالقة التكنولوجيا لدفع الأبحاث في مجال البيولوجيا الجزيئية بهدف اكتشاف وتطوير أدوية وعلاجات جديدة للأمراض المستعصية أو المستجدة، والتعاون بين القطاعين مهم جدا في هذا الإطار، ولنأخذ على سبيل المثال الشراكة التي تمت مؤخرا بين عملاق الصناعة الدوائية بوهرنجر إنغلهيم مع غوغل لاستخدام خبرات عملاق التكنولوجيا في ميدان الحوسبة الكمومية لتسريع البحث والتطوير الصيدلاني.

في الوقت الحالي، تمتلك شركات التكنولوجيا القدرة على التعامل مع كميات ضخمة من بيانات الرعاية الصحية التي تجمعها من مستخدمي منصاتها المختلفة بشكل يومي، ولكن هذه البيانات تفتقر للدقة والمصداقية التي يحتاجها ميدان تطوير الأدوية والعقاقير. وسويسرا هي إحدى الدول الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. كما أنها واحدة من البلدان التي تطبق القوانين المتعلقة بحماية الخصوصية الأشد صرامة. وفي هذا السياق، أعلن باحثون من جامعة زيورخ السويسرية في بحث نشرته منصة الجامعة مؤخرا عن قفزة نوعية غير مسبوقة في ميدان البيولوجيا الرقمية، حيث مكّنت خوارزميات الذكاء الاصطناعي الباحثين من تقديم تنبؤات دقيقة للغاية للبنية ثلاثية الأبعاد للبروتينات، وكما هو معروف فإن الأحماض الأمينية المختلفة هي المكونات الرئيسية التي تتكون منها البروتينات حيث تشكل الأحماض الأمينية جزءا مميزا من جسم الإنسان والنظام الغذائي، وهي حيوية للغاية لكي يعمل جسد الإنسان بشكل صحيح. وقال الباحثون إنه لكي يقوم الذكاء الاصطناعي بعمل تنبؤات دقيقة، فإنه يحتاج إلى استخدام كمية ضخمة من البيانات الموثوقة وذات الجودة الاستثنائية، وهنا يأتي دور شركات الأدوية الكبرى التي تمتلك كمًّا هائلا من المعلومات الدقيقة والموثوقة، وذلك بفضل سنوات طويلة من التجارب السريرية، والأبحاث العلمية التي أجرتها على مدى الأيام، كما تمتلك شركات الأدوية أيضا الخبرة اللازمة التي تضمن سلامة وجودة وفعالية المنتجات الطبية التي تطرحها في الأسواق.

يرى بعض الخبراء أن تقنيات الذكاء الاصطناعي لن تتسبب في أي مخاطر على الجنس البشري، وأنه لا ينبغي القلق من التقنيات الذكية، فهي تحتاج لسنوات كثيرة من التطور البطيء والتدريجي قبل أن تصل إلى المدى الذي يخشاه المحللون، لأنها تستند في تطورها إلى علوم وأفكار ما تزال في بداياتها الأولى حاليا. وأثبتت تقنية التعلم العميق قدرتها على التعرف على الصور وفهم الكلام والترجمة من لغة إلى أخرى، وغير ذلك من القدرات التي أغرت الشركات الأميركية في وادي السليكون، وتحديدا فيسبوك وغوغل، على الاستثمار وتكثيف الأبحاث فيها، متجاهلين تحذيرات من أن تطور الذكاء الاصطناعي قد يهدد البشرية.

وفي الختام، اكتُشفَت الكثير من الادوية المستعملة حاليًّا من خلال التجارب التي أجريت على الحيوانات والبشر. ولكن، يجري حاليًّا تصميم الكثير من الأدوية بحيث تستهدف اضطرابا معينا بحدد ذاته. ويجري تحديد التغيرات الكيميائية الحيوية والخلوية غير الطبيعية الناجمة عن المرض، ثم يمكن تصميمُ المركبات التي قد تمنع حدوث هذه التغيرات أو تصححها من خلال التأثير في مواضع محددة في الجسم وعندَ اكتشاف مركب جديد واعد. ومن خلال الامكانات الكبيرة التي تقدمها “الحوسبة السحابية”، وهو الأمر الذي سيجعلها أكثر اجتماعية وأقل تحكما، فإذا دمجنا قدرات شركات التكنولوجيا على تحليل البيانات وقدرات شركات الأدوية على جمع البيانات الموثوقة، فإن النتيجة ستكون ثورة حقيقية في مجال صناعة الأدوية وعلاج الأمراض، ويمكن للشراكة بين الطرفين أن تكون ذات فائدة منقطعة النظير لمستقبل البشرية.

 (*) دكتوراه في الهندسة الجزيئية الدوائية

قسم الصيدلة – جامعة تيشك الدولية – اربيل

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *