الناس على دين ملوكهم

 

ا. م. د. عدنان عبدالله رشيد

هذه المقولة سمعناها مرارا وتكرارا، والمعنى ان الناس يقلدون حكامهم في كل شيء، من ملبس ومأكل ومشرب، ويصل الى ذلك الحد الذي يقلدون حكامهم في دينهم ايضا، ولو ان هذا الحكم المطلق فيه التجني بعض الشيء

هناك مرض نفسي قريب من مدلول عنوان مقالتنا هذه، تسمى بمتلازمة ستوكهولم. وهي ظاهرة نفسية موجودة منذ وجود البشر، لكنه كمصطلح علمي يعتبر حديث النشأة، فقد ظهر سنة 1973 في السويد على يد نيلز بيجيروت، الاختصاصي في علم الجرائم والامراض النفسية، نسبة الى حادثة حصلت في ستوكهولم، حيث سطا بعض اللصوص على بنك هناك واحتجزوا مجموعة من موظفي البنك كرهائن لديهم لمدة ستة ايام، لكن الغريب ان الرهائن خلال تلك الايام القليلة اصبحوا ينحازون للجناة

ولو ان طبقة الحكام في بعض الدول يريدون ان يتميزوا عن عامة الشعب في زيهم وكلامهم.. الخ، لكن الشعب المحكوم يظن ان الاصل هو الذي يفعله الحاكم ولو كان طارئا، ويترك عاداته ولو كانت اقدم من عادات الحاكم، بل واقرب الى روح المجتمع. وعلى المستوى الدولي، نرى هذا الامر اوضح وابين. فنرى الدول النامية تحاول ان تقلد الدول المتقدمة في كل شيء، جميله والقبيح، جيده والسيء. ولو انه ليس بالامكان اخذ الجيد دون السيء، فهذا غير عملي لأنهما مرتبطان ببعض. وهذه تعتبر تطبيقا لمتلازمة ستوكهولم على المستوى الدولي

وهذا يؤدي بنا الى ذكر امر بالغ الاهمية، ألا وهو مركب الشعور بالنقص، لأن الشخص الذي يقلد شخصا آخر، يعتبر نفسه اقل شأنا لذلك يحاول تقليده ليقترب مما هو فيه. لذلك فان الشعوب المضطهدة والتي تقاتل لتتحرر من الاحتلال، دون ان تدري تقع في فخ التقليد

ونختصر كل الذي سردناه هنا في جملة واحدة، هي ان الضعيف يقلد القوي، سواء أكان على الصعيد الاجتماعي او الثقافي او السياسي او الديني

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *