المسئولية الجزائية عن تجاوزات البناء في القانون العراقي والمقارن في القانون العراقي والمقارن

​المسئولية الجزائية عن تجاوزات البناء في القانون العراقي والمقارن

في القانون العراقي والمقارن

د. عماد فتاح اسماعيل(*)

من المعلوم انه لابد من وجود جهات معينة تكلف بمتابعة ومراقبة التجاوزات التي قد تحدث على أملاك القطاع العام أو الخاص، وقد يتقاعس المكلفون بهذا الامر وذلك اهمالا او عمدا مقابل منفعا ماديا او معنويا، لذلك لابد من ترتب المسؤولية عليهم ومن ثم فرض العقوبة الجديرة بحقهم بهذا الشأن. ففي قانون إدارة البلديات العراقي رقم 165 لسنة 1964 نص المشرّع على صلاحية مجلس البلدية في المراقبة والمتابعة، حيث نصت المادة (17) من القانون على:

“1- للبلدية في ممارسة إعمالها صلاحيتان، صلاحية تقرير ومراقبة ويتولاها المجلس وفقا لإحكام هذا القانون، وصلاحية تنفيذ يمارسها أمين العاصمة أو رئيس البلدية واللجنة التنفيذية يعاونها فيها عدد من الموظفين والمستخدمين.

2- تناط بعض الوظائف البلدية ذات الصفة الخدمية في المجمعات السكنية بمجلس الشعب، ويكون رئيس المجلس مسؤولا عن تلك الوظائف وفق ما ورد بهذا القانون.”

ونصت المادة (89) من قانون إدارة البلديات على أنه ” تطبق أحكام قانون انضباط موظفي الدولة بحق موظفي المؤسسات البلدية المحسوبين على الملاك البلدي…”

ويتضح من ذلك ان المشرّع العراقي لم ينص على عقوبة الموظف او المكلف بخدمة عامة بعقوبة جزائية في حالة عدم تنفيذه للواجبات المفروضة عليه، بل سيخضع لقانون انضباط موظفي الدولة رقم 14 لسنة 1991. والعقوبات المقررة في هذا القانون لا تحتوي على عقوبات جنائية، علاوة عليه هي عقوبات تأديبية تفرض من قبل اللجان الخاصة بهذا الصدد، دون خضوعه للمحاكم الجزائية.

وبخلاف المشرّع العراقي، فقد اتجه المشرّع المصري الى وضع وتحديد المسؤولية والعقوبة الجزائية حسب المادة (99) من قانون البناء رقم 119 لسنة 2008 المعدل حيث نصت على:

“يعاقب بالحبس والغرامة التى لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أخل بأى من مهام وظيفته المنصوص عليها فى المواد (17، 18، 29، الفقرة (ج) ، 32 ، 36 ، 37 ، 39 ، 44 ، 62 الفقرة الثالثة ، 96، 113 الفقرتين الثالثة والرابعة) من هذا القانون، ويجوز الحكم فضلا عن ذلك بالعزل من الوظيفة، وتتعدد العقوبات بتعدد المخالفات.”

وقد نص كذلك في المادة الثانية من قانون التخطيط العمراني رقم 3 لسنة 1982 المعدل على مسؤولية الموظف المختص وفرض عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مئة ألف جنيه، وذلك بالنسبة للجرائم التي ترتكب بطريق التحايل أو الإعلان عن تقاسيم وهمية. هذا فضلا عن اعتبار كل من تقاعس أو أخل عمدا بواجباته الوظيفية، يعد شريكا بالمساعدة حسب المادة (58) من قانون التخطيط العمراني المصري.

أما في قانون البناء اليمني رقم 119 لسنة 2002، فقد اتجه المشرّع الى عقوبة الموظف المختص بهذا الصدد بعزله فقط، وذلك وفقا لشروط معينة تتوفر فيه والتي جاءت في المادة (70) منه:

“يعزل من الوظيفة كل موظف يحمل صفة مأمور ضبط قضائي بموجب هذا القانون، أهمل إهمالاً جسيماً أو أخل بواجبات وظيفته أو ساعد أو سهل أو تواطأ مع أي شخص، للحصول على تراخيص من المكتب بناءً على معلومات كاذبة أو بيانات أو وثائق مزوّرة، أو علم بإستخدام مواد بناء مغشوشة ولم يتخذ الإجراءات القانونية اللازمة.”

يتضح من ذلك ان المشرّع المصري كان اكثر توفيقا في مسايرة التطورات السائدة ووضع حدا للجهات المكلفة والمختصة من مسايرة الفاعل وعدم مراعاة المصلحة العامة، حيث يكونون حينها مسؤولين جزائيا بموجب القانون مع فرض العقوبة المناسبة عليهم. ولابد من تدخل المشرّع العراقي في تعديل قانون إدارة البلديات العراقي، وذلك لسد الثغرات التي قد تؤدي الى سلك الموظفين المكلفين بضبط التجاوزات على ان يراعي فيها منفعة المجتمع بعيدا عن المنافع الشخصية غير المشروعة، مثلما فعله المشرع المصري في قانون البناء المصري رقم 119 لسنة 2008.

(*) مدرس القانون الجنائي، جامعة صلاح الدين، أربيل.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *