سانا سیروان
يعتبر الزي الموحد سمة بارزة بالنسبة لطلبة الجامعة ومنزلتهم الاكاديمية. وهو احد المظاهر الايجابية والمميزة في الحرم الجامعي، يمنح حالة من المساواة والسكينة النفسية لمرتديه، بموازاة التحلي بالحشمة والوقار، يضفي نسقا من التنظيم البنّاء لهذه المؤسسة الاكاديمية
التقاليد الجامعية في العراق ارست اسسها منذ البداية على التزام الطلبة بالزي الجامعي الموحد، وكان طلبة التحصيل الاكاديمي مميزون بزيهم باعتبارهم احدى الشرائح المهمة في المجتمع. هذه التقاليد تعرضت للاهتزاز بحكم الظروف القاهرة التي مرّت بالبلد وحالة عدم الاستقرار الناتجة اثر الحروب الداخلية والخارجية التي خاضها العراق ومن ثم حالة الانفتاح التي تلت عام التغيير الكبير عام 2003 في عموم العراق وقبل ذلك في اقليم كوردستان منذ عام 1991 وما رافقها من شيوع مفاهيم الحرية
كل هذه الامور اخلت بالتقليد الموروث منذ عقود عدة والمتبعة في الجامعات العراقية، وسمحت ادارات الجامعات بحرية ارتداء الازياء والملابس تلبية لظروف ملحة ربما كان ارتداء الزي الموحد فيها يشكل عبأ على عاتق العديد من طلبة الاسر ذوي الدخل المحدود. لكن انحدار الامور باتجاه تحول الحرم الجامعي الى محلا لاستعراض الازياء والتصاميم والموديلات شكل نقطة تحول سلبية كبيرة، وبات عدد من الطلبة (ذكورا واناثا) يرتدون ازياء يصعب معها تمييزهم عن الاساتذة وموظفي الجامعة بل نجد احيانا حالات من المغالاة في ارتداء الملابس لا تليق بأسس مؤسسات التعليم العالي وأماكن الدوام والوظيفة
لذا بات لزاما العودة الى فرض الزي الموحد في الجامعات لوضع حد لحالات الاسراف والايغال في ارتداء الازياء والملابس ومجاراة الموضة التي لا تعرف الحدود والضوابط، ومن نتائجه تحول الحرم الجامعي الى ساحة لعروض الازياء التي تشهد باستمرار طرح موديلات وتصاميم جديدة لا علاقة لها بالتعليم الجامعي ولا تضيف قيد انملة من المعرفة والفائدة الى هذه المؤسسة الحيوية
حبذا لو يتم برمجة مسألة الزي الموحد من خلال توكيل جهات خاصة تضمن توفير هذه الازياء بجودة عالية وبأسعار مناسبة وبالوان محددة تكون مميزة تمنح الطلبة خصوصية في الوسط الاجتماعي. ومن المهم ان تبادر وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان بالعمل والتنسيق من اجل التوصل الى تحديد آلية ناجحة لتطبيق نظام الزي الجامعي الموحد في جميع الجامعات العراقية وجامعات اقليم كوردستان الحكومية منها والاهلية
للزي الجامعي الموحد فوائد جمة، منها التقليل من حدة التفاوت الطبقي بين الطلبة وتظفي الوقار والجدية على مؤسسات التعليم العالي وحرم الجامعات والمعاهد، وللزي الموحد تأثير تربوي مهم تجعل الطلبة اكثر التزاما بالضوابط واقلا انزياحا نحو الموضة والازياء التي لا تضيف الى رصيدهم الاكاديمي أي شيء يذكر
انها دعوة مفتوحة نطلقها عسى ان تجد من يلبي الدعوة بالشكل الذي يمكننا جميعا التوصل الى ضرورة العودة الى الالتزام بالزي الجامعي الموحد وتأطير اسس العمل والدوام في مؤسسات التعليم العالي بالتحصيل العلمي والتأهيل المهني الذي يجعل من الجامعات والمعاهد العالية روافد تزود المجتمع بالكوادر المكينة التي تستطيع قيادة عمليات التحول والنمو والتطور بمزيد من الثقة بالنفس وبما يحقق النجاح المضمون
