تعريفنا للقانون

-الجزء الأول-

ا. م. د. عدنان عبدالله رشيد

إن الأساس، أو المدخل لفهم أي علمٍ، في أي ميدان من ميادين المعرفة، هو في تعريفه: تعريفاً جامعاً ومانعاً؛ جامعاً لجميع أركان العلم المُراد تعريفه، ومانعاً من دخول الأغيار في هذا التعريف. والقانون، حتماً له تعريف، لكن ما هو هذا التعريف؟

نقد التعريف الراهن للقانون

    إن الذي يُثير العجب والاستغراب في نفس الباحث، إن القانونيين ينطلقون إلى دراسة أجزاء علم القانون ودقائقه قافزين على تعريفه. كأن تعريفه شيءٌ بديهي وقد تم الانتهاء منه منذ أزمان غابرة، ولهذا فإنهم يتركون التعريف وراء ظهورهم، ولا يعطونه أدنى بالهم. ولكن الحقيقة عكس هذا تماماً ومختلفة جداً. ذلك أن تعريف القانون شيءٌ غير منتهٍ منه لحد الآن، لأن معظم المشاكل والصعوبات التي تعترض طريق علم القانون اليوم، منبعها من عدم تعريف القانون؛ تعريفاً مانعاً، جامعاً. فإذا أمكن تعريف القانون تعريفاً مانعاً، جامعاً لأمكن حلُ معظم إشكاليات القانون تقريباً. وكل مدرسةٍ قانونية لها تعريفٌ للقانون يختلف عن تعريف المدارس الأخرى. والدليل على قولنا؛ هو إن كاتباً فرنسياً قام في عشرينات القرن العشرين بوضع كتابٍ يعرض فيه جميع التعاريف التي توردها المدارس القانونية عن القانون. والعجيب، إن هذا الكاتب الفرنسي نقّد أيضاً كل تلك التعاريف نقداً علمياً.

    ثم ماذا..؟

    ما نود أن نقوله هو أنه هنالك إطارٌ فكريٌ مغلوط مفروض على تفكير القانونيين مفاده الانتهاء من تعريف القانون، وهذا ينافي الواقع. وإذا كان الحال هكذا، ترى كيف نسلّم بجزئيات القانون الأخرى؟ مع هذا، فالوضع ليس سيئاً جداً، فالقانونيون يوردون تعريفاً للقانون، يبدو إن أغلبهم يطمئنون إليه. إذن، فهناك شبه اتفاق بينهم على تعريف القانون الآن، وإن اختلفت التعابير، فالمضمون واحد. ونجد من الضروري، وقبل أن نطرح ذلك التعريف، أن نحدد ماذا نُريد بلفظة القانون حتى نستطيع أن نورد ذلك التعريف.

    يقول الدكتور عبدالله مصطفى النقشبندي في كتابه (علم أصول القانون): “أن القانون قد أُستعمل في ستة معان: أولها التشريع المقنن. وثانيها علم القانون ويسمى كذلك فقهاً. وثالثها مجموعات قوامها الفقه والتشريع معاً وما يتعلق بهما من بحوث. ورابعها أي فرعٍ من فروع الفقه يُنسب إليه القانون بوصفٍ أو نسبة، كالقانون المدني والقانون العام. وخامسها ما يعم الأحكام المُتممة للتشريع. والسادس مجموع الأحكام والقواعد المنفذة المرعية.” ويقول الدكتور توفيق حسن فرج في كتابه (المدخل للعلوم القانونية): “في مجال الدراسات القانونية ينصرف اصطلاح (القانون) بصفةٍ عامة إلى: مجموعة القواعد التي تحكم سلوك الأفراد في الجماعة والتي يتعين عليهم الخضوع لها وبالقوة إذا لزم الأمر.” ونرى تعريفاً مشابهاً للقانون لدى الدكتور حميد الساعدي في كتابه (مبادئ القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق)، حيث يقول الساعدي عن القانون بأنه: “قاعدة سلوك عامة مجردة، تحكم علاقات الأفراد في المجتمع على وجهٍ ملزم.” ويؤكد الدكتور فرج: “إن القانون يتدخل لكي ينظم العيش في جماعة. ولا يتأتى له ذلك إلا إذا كانت قواعده ملزمة، يُجبَر الأفراد على احترامها عن طريق توقيع جزاء، وإلا فقدت القاعدة صفتها، ولم تصبح قاعدة قانونية. فخاصية الجزاء تعدّ من أبرز الخصائص التي تميّز القاعدة القانونية عن غيرها من القواعد الاجتماعية الأخرى.” ونحن لنا مأخذين على الشطر الأخير من كلام الدكتور فرج، لأن قوله ينطوي على خطأين: أولهما، قوله إن الجزاء عنصر لازم للقاعدة القانونية. ثانيهما، أن الدكتور فرج يعتبر الجزاء هو الفيصل في التفرقة بين القاعدة القانونية وغيرها من القواعد الاجتماعية الأخرى. تصدى كلٌ من الدكتور عصام العطية في كتابه (القانون الدولي العام)، والدكتور منذر الشاوي في كتابه (القانون الدستوري)، للرد على الخطأ الأول، ولا تعليق لنا على كلامهما؛ بل نوردهما نصاً.

    يقول الدكتور العطية: “إن فقدان الجزاء أو عدم كفايته لا يؤثر . .  في وجود القانون وكيانه، ذلك لأن وظيفة الجزاء هي ضمان حسن تطبيق وتنفيذ ما يوجد من قواعد قانونية، أي أن الجزاء يتحرك عندما توجد قواعد قانونية يُراد تطبيقها بالفعل. فلا يصح الخلط، إذن، بين المصدر الذي ينشئ صفة الإلزام في القواعد القانونية وبين الأداة التي تتضمن حسن تطبيقه وتنفيذه. فوجود القانون، إذن، لا يتوقف على وجود الجزاء، فالقانون يوجد ولو لم يصحبه جزاء أو كان الجزاء الذي يحميه ضعيفاً دون أن يؤثر ذلك في صفته القانونية.”

    أما الدكتور الشاوي فيقول: “أن الجزاء ليس بعنصر أو ركن للقاعدة القانونية، فهو لا علاقة له بالقاعدة القانونية، إنما علاقته بالسلطة، أو بعبارةٍ أدق بنجاعة السلطة.” ويتساءل الدكتور الشاوي مستغرباً: لماذا يجب اعتبار الجزاء ركناً من أركان القاعدة القانونية؟ ويضيف: “أن الجزاء لا يلعب دوره إلا بُغية تأمين احترام إرادة القابضين على السلطة، بحيث أن العلاقة الحقيقية هي بين نجاعة السلطة (تأمين طاعتها) وبين الجزاء، أما العلاقة بين الجزاء والقاعدة القانونية، فهي ليست من جوهر القاعدة القانونية. فالقاعدة القانونية يمكن أن توجد حتى ولو لم تتضمن جزاءً.”  ويضيف الدكتور الشاوي وهو يقول: “فالجزاء غريب، إذن، عن طبيعة القاعدة القانونية، بهذا المعنى أن القاعدة القانونية يمكن أن توجد وتُطاع دون أن تتضمن بالضرورة جزاء، وعليه فالجزاء ليس بضروري للقاعدة القانونية، إنما هو ضروري للسلطة ومرتبط بها، لأنه تعبير عن نجاعة السلطة. فبالجزاء يستطيع الحكام تأكيد إرادتهم أو نجاعة السلطة التي يقبضون عليها.” ويُريد الدكتور الشاوي أن يثبت صحة ما ذهب إليه، فيقول: “والدليل على أن الجزاء ليس من جوهر القاعدة (ليس من ميدان القانون) هو أن السلطة تستطيع اللجوء إلى الإرغام (الجزاء) لتنفيذ القواعد التي تضعها حتى ولو لم تتضمن هذه القواعد جزاء. كما إن عدم تطبيق الجزاء الذي تتضمنه بعض القواعد القانونية (كقوانين الضرائب مثلاً)، لا يعني أن هذه القواعد ليست بقواعد قانونية. فالجزاء، إذن، ليس من جوهر القاعدة القانونية، أنه يتعلق بالسلطة.”

    والآن، بعد أن بينّا الخطل الذي وقع فيه الدكتور فرج ومن يشايعه في قوله إن الجزاء عنصر من عناصر القاعدة القانونية؛ سنحاول أن نبيّن الخطأ الثاني الذي تضمنته مقولته بصدد اعتباره الجزاء الفيصل في تمييز القاعدة القانونية عن القواعد الاجتماعية الأخرى. فالجزاء لا يقتصر على القاعدة القانونية (إن قبِلنا بصحة الافتراض القائل بأن الجزاء عنصر من عناصر القاعدة القانونية)، بل القواعد الاجتماعية الأخرى أيضاً فيها صورة من صور الجزاء. وكما يقول الدكتور علي عبدالواحد وافي في كتابه (المسؤولية والجزاء): “تبدو ظواهر المسؤولية والجزاء في صورٍ كثيرة تتصل كل صورة منها بناحية هامة من نواحي الحياة الاجتماعية، وترتبط بمجموعة من النُظم التي تسير عليها هذه الحياة.” ويتابع الدكتور وافي وهو يشرح وجهة نظره قائلاً: “فمن هذه الظواهر قسم يتصل بالقوانين الوضعية للأمة وتشرف عليها الهيئات التي ينشئها المجتمع لحماية هذه القوانين وتطبيق ما تقرره.” أيضا، “ومن هذه الظواهر قسم يتصل بالنظم الدينية للأمة”. “وينتظم في هذا القسم جميع المسؤوليات المنبعثة من تعاليم الدين، سواء ما تعلق منها بالعبادات وما تعلق منها بالمعاملات، وسواء أكانت متصلة بشؤون العبد مع ربه أم بشؤونه مع نفسه ومع غيره من أفراد مجتمعه وأفراد المجتمع الإنساني وسائر المخلوقات الأخرى.” ويقول أيضا “ومن هذه الظواهر قسم ثالث يتصل بالنُظم الخُلقية، ويتولى الرأي الجمعي العام في جملته سلطة الإشراف عليه عن طريق مباشر لا عن طريق هيئة ينشئها المجتمع لذلك.” ويؤكد الدكتور وافي كذلك: “هذه الأقسام الثلاثة، على ما بينها من اختلاف في الصورة، تتفق جميعاً في الجوهر وتُرد إلى أمرٍ واحد.” ويصل الدكتور وافي في النهاية إلى استنتاج مهم حيث يقول: “فالمسؤولية إذن ظاهرة اجتماعية أياً كانت الصورة التي تبدو فيها ويبدو فيها ما تؤدي إليه من جزاء.”

التعريف الجديد

    بعد أن استعرضنا التعريف الشائع للقانون من الشطر الأخير منه؛ الخاص بعنصر الجزاء، وتأكد لنا ان الجزاء ليس ركناً من أركان القاعدة القانونية، وبهذا لا يعتبر الجزاء عنصراً من عناصر تمييز القاعدة القانونية عن القواعد الاجتماعية الأخرى. فلم يبقى من ذلك التعريف للقانون إلا القاعدة القانونية ومضمونها، تنظيم سلوك الأفراد في المجتمع. لكن حتى هذا الأمر ليس مقتصراً على القاعدة القانونية دون القواعد الاجتماعية الأخرى، لأن هذا ليس مضمون القاعدة القانونية فقط، بل هو مضمون جميع القواعد الاجتماعية الأخرى. فمضمون القاعدة الدينية هو تنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع، ومضمون القاعدة الخُلقية ايضا تنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع، وهلم جرا. إذن، نحن هنا أمام مشكلةٍ عويصة، هي، إذا لم يكن عنصر الجزاء هو الفيصل بين القاعدة القانونية وبين غيرها من القواعد الاجتماعية الأخرى، فكيف يمكن، إذن، تمييز القاعدة القانونية عن غيرها من القواعد الاجتماعية الأخرى؟ ولحل هذه الإشكالية، يجب أن لا نفرط بالعبارة الواردة والباقية من التعريف الشائع للقاعدة القانونية، والتي تنص على أن القاعدة القانونية تقوم بتنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع. لكن يجب علينا تحوير بعض كلمات هذه العبارة كي نتمكن من استبعاد تداخل مضمون القاعدة القانونية مع مضامين القواعد الاجتماعية الأخرى. فنقول إن القاعدة القانونية لا تنظم العلاقة بين مجرد أفراد، كما تفعل القواعد الاجتماعية الأخرى، بل أن القاعدة القانونية تنظم العلاقة بين أشخاص القانون، وليس بين مجرد أفراد. ترى هل يعتبر هذا القول كافياً؟ نقول: كلا، ذلك أن القول بأن القاعدة القانونية تنظم العلاقة بين أشخاص القانون هو قول لا يستطيع الصمود أمام مجرد نقد بسيط، ذلك أن قولنا (أشخاص القانون) هو قول مبهم وغامض، لأننا لم نعرف بعد المقصود بالقانون، فكيف سنعرف المقصود بـ(أشخاص القانون)؟ فهذا كمن يضع العربة أمام الحصان. وفي المحصلة ماذا علينا أن نفعل، إذن؟ يجب إضافة كلمات أخرى إلى العبارة السالفة الذكر، حتى يمكن لنا إجلاء الحقيقة، وبها يمكن للقاعدة القانونية أن تتميز عن القواعد الاجتماعية الأخرى، ولا تختلط بهن. وتلك الإضافة هي بعد أن نورد العبارة بكاملها: القاعدة القانونية هي تنظيم لسلوك أشخاص القانون داخل مجتمعٍ، على أساس فكرة الحق. ويُلاحظ هنا، إننا أضفنا (فكرة الحق) إلى تعريف القاعدة القانونية. وعلى أساس فكرة الحق نستطيع أن نميّز القاعدة القانونية عن القواعد الاجتماعية الأخرى، لأن القواعد الأخيرة لا تعرف فكرة الحق، وان قال البعض أن هذه الفكرة موجودة في جميع القواعد الاجتماعية، لكننا نظن أن هؤلاء البعض مخطئون. ففكرة الحق فكرة قانونية، وهي من ابتداع القانون. وعليه ففكرة الحق، برأينا، غريبة عن القواعد الاجتماعية الأخرى، وان تسربت إليهن من القاعدة القانونية، لكنها تظل فكرة قانونية مُخاطة على مقاس القانون ولا تقبل أن يتم ارتداؤها من قِبل القواعد الاجتماعية الأخرى، لأنها قد تضيق بها أو قد تكون واسعة فلا تحل لها.

الحق والحرية

    أن الإنسان الأول كان حراً نسبياً. كان حراً لأنه لم يكن يخضع لأحد غيره، وكانت تلك الحرية نسبية؛ لأن الإنسان لم يتمكن من التحرر نهائياً من كل القيود التي ماتزال بعضها تكبلّه لحد الآن، فقد خضع في فجر تفكيره للآلهة، فكان ينساق وبدافع الخوف أو الرجاء منها أن يتقيد كثيراً في حياته، فلا يأتي بكثيرٍ مما تتوق له نفسه. يقول الكاتب محمد العزب موسى في كتابه (حرية الفكر): “قد يتصور البعض أن الإنسان البدائي كان حراً طليقاً كالعصفور، وأن حياته لم تكن معقدة أو مكبلة بالواجبات والقيود كحياتنا، وأنه لذلك كان أكثر تسامحاً وحرية، أو باختصار كان يعيش في عصر ذهبي موفور الحرية والانطلاق فكل ما يريده يفعله، طلباته بسيطة والمجالات أمامه مفتوحة.. إذا جاع خرج إلى الصيد وهي رياضة طليقة، وإذا شبع استلقى في الغاب يستريح، أو جلس أمام كوخه يستدفئ حيث تحف به نساؤه كهارون الرشيد. هذه الصورة خاطئة من أساسها، فلم تكن هناك حياة مكبلة بالقيود كحياة الإنسان البدائي أو مليئة مثلها بالمحرمات والقيود والممنوعات.” ذلك أن الحرية الكاملة لم توجد أبداً في الأرض، ولن توجد على الإطلاق لأنها أمنية لا يمكن تحقيقها على كوكبنا، وبين أناس من طينتنا. فالحرية المطلقة مجرد وهم مصطنع، ومحض خيال جامح، فمن الصعب أن تجد إنساناً حراً لا يتقيد في الحياة بشيء، فهذا الإنسان إن لم يوجد ما يشده إلى الأرض لأنفلت من الجاذبية، وصار يسبح في الكون الفسيح. ومما تجدر الإشارة إليه أن الحرية الأولى، كانت حرية القوة، فالأقوى يستأثر بالأكثر، ويتمتع بحرية أكبر من حرية من هو أضعف منه قوةً واقتداراً. وكما يقول الدكتور زكريا إبراهيم في كتابه (مشكلة الحرية): “ليست الحرية عندنا حلاً أو جواباً، بل هي إشكال وتساؤل.” ولكي نفهمها بشكل أفضل فـ”لابد للحريـة مـن أن تصطدم (بالعائق) حتى يستحيل إلى (قيمة).” والعائق الذي ذُكر ما هو إلا القانون؛ لأن “القانون يعتبر قيداً على حرية الإنسان.” وحين أُبتدع القانون ولو بأسماء ومسميات أخرى، كانت بانتظار القانون مهمة عويصة، هي كيفية ترويض الحرية وتطويعها كي تتلاءم مع القانون وغاياته.. وإن المصطلح الذي اشتهرت به الحرية عندما تكون خاضعة للقانون هو الحق، وبذلك يلطّف هذه اللفظة من مدى الشعور بخطورة إخضاع الحرية للقانون وتقييدها، لأن الحق لا يشير إلا إلى حرية مقيدة وناقصة. فالحق لم يوجد إلا مع القانون، والقانون لم يوجد إلا مع الحق. لأن الحق والقانون صنوان متلازمان لا يكادان يفترقان. إذن، وجد الحق والقانون في آنٍ واحد، منبثقين من بطنٍ واحدة. فقبل ولادة القانون لم يكن هناك حق، بل كل ما كان هناك هو الحرية. وشتان ما بين الحرية والحق. فكل حق هو حرية مقيدة والعكس ليس صحيحاً، حيث يمكننا تعريف الحق بأنه الحرية المقيدة بالقانون، فكل حق يقابله التزام، أما الحرية فهي أحيانا لا تقابلها أية التزامات على الطرف المقابل.

    من هنا نصل إلى أن الحق، هو كل ما لفرد ما، قانوناً. وعليه فان القانون يعتبر المصدر الوحيد والشامل، الجامع للحق. ومن هذا المصدر الرئيسي تنبثق المصادر الفرعية الأخرى، لأن القانون إذا لم يعترف بهذه المصادر فما هي بمصادر للحق. فالحق الذي لا يمكن عدم الاعتراف به، هو ذلك الحق الذي يوجده القانون، وإلا فليس هناك حق إذا لم يتوافر فيه هذا الشرط. فإذا فقد الحق هذا الشرط، فعندها يتحول إلى لا شيء (قانوناً). وإننا نرفض الفكرة التي تقول إن القاعدة القانونية يجب أن تقوم بحماية الحق الذي تمنحه. فالقاعدة القانونية توجد الحق فقط، ولا يمكن إدخال عنصر حماية الحق ضمن محتوى القاعدة القانونية، لأن عنصر الحماية خارج عن القاعدة القانونية، ويمكن قياس هذه الحالة على عنصر الجزاء الذي هو الآخر ليس من ضمن فحوى القاعدة القانونية.

    إذن، فالقاعدة القانونية تتألف من ثلاث عناصر:

1-أنها تقوم بتنظيم علاقة.

2-هذا التنظيم للعلاقة يكون بين أشخاص القانون.

3-والقاعدة القانونية يجب أن تتضمن دائماً حقاً، أي يجب أن تمنح حقاً لشخص القانون.

(للبحث تتمة).

كلية القانون – جامعة تيشك الدولية – اربيل

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *