نُظِمَتْ هذه القصيدة عندما دُعيتُ كأُستاذ زائر بجامعة الخرطوم- السودان- كلية الهندسة والعمارة، بحق فتاةٍ كانت تعملُ في القسم المالي لجامعة الخرطوم. كانتْ غايةً في الجمال الرباني المُرَصَّعْ بالخُلُقِ العالي وبالطباع الرائعة التي تجذب الأنسانَ جذباً. وكنا نتطلع بوافر الصبر الى موعد نهاية كل شهر لكي يتوفر لنا السبب الدافع للذهاب الى حسابات الجامعة، يبدو ظاهريا للحصول على استحقاقاتنا المالية، ولكن في الحقيقة للقاءِ ذلكَ الوجهِ الباسمِ الذي يَشُعُّ بَهاءً وجمالاً وحياء.
سَأَذْكُرُ اْلْنيلَ ماْ مَرَّتْ بِيَ اْلْحِقَبُ
وَماْ غَزىْ خاطِريْ اْلْتَشْواقُ وَاْلْطَرَبُ
عَلىْ ضِفافٍ لَهُ صارَتْ تُحَرِّكُني
أَمْواجُهُ اْلْزُرْقُ حَيْثُ اْلْنُبْلُ وَاْلْنَسَبُ
يا لَوْعَةَ اْلْشِعْرِ صارَتْ تَلـْتَضيْ لَهَبا
عَلىْ خَريرِ مِياهٍ صَوْتُهاْ طَرِبُ
تِسْعٌ مِنَ اْلْجَدْبِ لَمْ اَلْفِظْ بِهاْ نَغَماً
مِنَ اْلْقَريضِ وَغابَ اْلْوَحْيُ وَاْلْأَدَبُ
تِسْعٌ مَضَتْ وَفُصولُ اْلْشِعْرِ قَدْ هَجَرَتْ
مُخَيَّلاتيْ اْلَّتيْ لِلْشِعْرِ تَنْتَسِبُ
وَحْيٌ مِنَ اْلْشِعْرِ عادَ اْلْيَوْمَ يَرْفِدُنيْ
مِنَ اْلْقَوافيْ فَصارَتْ كُلُّهاْ لَهَبُ
فَطيبَةُ اْلْأَهْلِ فيْ اْلْسودانِ مَفْخَرَةٌ
وَعِفَّةُ اْلْقَوْمِ شَيْءٌ كُلُّهُ عَجَبُ
ياْ اِبْنَةَ اْلْنيلِ عَطْفاً فَاْلْجَمالُ غَدىْ
يُدَغْدِغُ اْلْقَلْبَ وَاْلْأَلْبابَ يَسْتَلِبُ
سَمْراءُ أَنْظُرُهاْ اِذْ تَلـْتَضيْ وَهَجاً
مِنْ شِدَّةِ اْلْحُسْنِ وَاْلْأَخْلاقُ تَنْتَصِبُ
صارَتْ تُطارِحُنيْ وَاْلْرَأْسُ مُشْتَعِلٌ
شَيْباً فَاِذْ بِأَحاسيسيْ لَهاْ تَثِبُ
يا رَوْعَةَ اْلْحُسْنِ أَشْياءٌ تُحَرِّكُنيْ
فيْ وَسْمِكِ اْلْغَرِّ فَاْلْأَبْصارُ تَنْجَذِبُ
رَأَيْتُ فيْ ثَغْرِهاْ شَيْئاً يَهيمُ بِهِ
قَلْبُ اْلْمُسِنِّ وَيَزْدانُ اْلْجَوىْ اْلْخَرِبُ
غازَلْتُهاْ ثَمِلاً وَاْللهُ يَعْذُرُنيْ
فَحُسْنُهاْ فاقَ ما قَدْ صَوَّرَتْ كُتُبُ
غَنّىْ لَهاْ اْلْقَلْبُ وَاْلْأَشْواقُ طافِحَةٌ
ماْ حُسْنُ لَيْلىْ وَماْ بَلْقيسْ ماْ اْلْشُهُبُ
ياْ لائِميْ رَأْفَةً… فَاْللهُ اَلْهَمَهاْ
ماْ يُبْهِـرُ اْلْعَبْـدَ وَاْللهُ اْلَّذيْ يَـهـِبُ
فيْ حُسْنِ طَلْعَتِهاْ يَغْدوْ اْلْفَتىْ وَلِعاً
فَصارَ اِعْجابُ مَشْغوفٍ لَهُ سَبَبُ
يَخالُهاْ اْلْمَرْءُ مِنْ عُلْوِ اْلْسَماْء نَزَلَتْ
حُورِيَّةٌ لِقُلوبِ اْلْناسِ تَغْتَصِبُ
قَدْ صارَ مِنْ حُسْنِهاْ ظُلْمُ اْلْدُجىْ أَلَقاً
وَاْسْتَرْطَبَ اْلْجَدْبُ حَيْثُ اْلْماءُ وَاْلْعُشُبُ
وَغادَةٌ بِضُحىْ اْلْنيلَيـْـنِ مَبْسِمُهاْ
زاهٍ تَغَنّىْ بِهِ اْلْأعْجامُ وَاْلْعَرَبُ
ناشَدْتُكِ اْللهَ رِفْقاً بِاْلْمُصابِ فَلاْ
أَقْوىْ عَلىْ نَظَراتٍ مِنْكِ تَلْتَهِبُ
يَغْليْ بِيَ اْلْشَوْقُ عُذْرِيّاً يَتوقُ لَهاْ
وَلِلْسِهامِ اْلّتيْ مِنْ لَحْظِهاْ نُشُبُ
يا صاحِ لاْ تَفْتَريْ هَلّا تُصارِحُنيْ
مَنْ ذاْ يُقاوْمُ سِحْرَ اْلْعَيْنِ اِذْ يُصِبُ
اَصْبَحْتُ ثَمْلانَ لاْعَنْ خَمْرَةٍ رُشِفَتْ
لكِنَّهُ حُسْنُهاْ يُبْهيْ اْلْأُلىْ جُذِبواْ
يَصْحوْ لَهاْ اْلْقَلْبُ وَلْهاناً اِذاْ بَزَغَتْ
وَاْلْعَيْنُ تَرْبوْ لَهاْ وَاْلْنَبْضُ يَضْطَرِبُ
وَلَوْعَةُ اْلْنَفَسِ اْلْدانيْ لَهاْ لَهَفاً
لِوَصْلِهاْ صارَ يَنْأىْ ثُمَّ يَقْتَرِبُ
خَمْرِيَّةُ اْلّلَوْنِ عَيْناهاْ اِذاْ اْتَّقَدَتْ
سِحْراً تَخَزَّلُ مِنْ اِشْعاعِهِ اْلْسُحُبُ
وَعُنْفُوانٌ لَهاْ أَدْمىْ مُخَيِّلَتيْ
مِنَ اْلْبَهاءِ اْلَّذيْ فيْ وَجْنِهاْ خَصِبُ
وَفيْ اْلْشَرايينِ نَبْضٌ صارَ يَرْقَبُهاْ
حَيْثُ اْلْهُوَيْناْ مَشَتْ هَيْفاءَ تَنْتَصِبُ
وَيَرْتَجيْ عَطْفَهاْ ظَمْآنُ مِنْ عَطَشٍ
لِرَشْفَةٍ مِنْ يَدَيْهاْ طَعْمُهاْ عَذِبُ
رَغْمَ اْلْوَداعِ اْلَّذيْ لاْبُدَّ مُدْرِكُناْ
يَبْقىْ اْلْرَجاْ بِلِقاهاْ اْلْحُلْوِ مُرْتَقَبُ
رَغْمَ اْلْوَداعِ اْلَّذيْ لاْبُدَّ مُدْرِكُناْ
يَبْقىْ اْلْرَجاْ بِلِقاهاْ اْلْحُلْوِ مُرْتَقَبُ
(*)قسم هندسة النفط والمناجم
جامعة تيشك الدولية – أربيل