سفر


أ. د. فاضل علي غائب

(1)
سافر بعيدا
معه عصفورين
ابيضين كلون الثلج
وسنبلة بلون الذهب
تاركا وطنا … وعشا صغيرا .. انيقا
ليسكنه الغرباء
فأهدته عيوني دمعتين
وزفرتين
فبلادنا تطرد ابناءها
وتهتم بالسارقين

(2)
سافروا
وأخذوا الكلمات المزدانة بالعطرِ
وقلوباً صغيرةً كقلوب البلابل
التي على عتبةِ الدار رفرفتْ
وعيوناً كاللآلئ
ترقرق بالدمع سرّاً
تكفكفها الايدي الطرية الناعمة
مثل جناح ملاك
تركوا على الجدرانِ خيالاتِ
وفي الحُجرات
ثرثرات والفوضى
هنا… وهناك …
العاب وملابس وكراسات
وأنفاسٌ دافئاتٌ وعبق

(3)
بعد سنين
قالوا.. غداً سنعود
قلتُ سأفرشُ من ضوءِ عيوني..
درباً لكم
اليس اليومَ غدٌ للأمس؟
ها قد اقتربت العتمة الألف وأكثر
ولم يعودوا
هاجسٌ يحتلني .. ربما لن يعودوا
حتى العتمةِ المليون

(4)
ايها البعيدون
الجالسون في الرأس
والقلب العتيق المتعب
لو تعلمون كم احبكم
واشتاق اليكم
ها هو الربيع الفاتر
ووردات نيسانه الحمراء القانية
والخضرة وباقات النرجس الجبلي
وانفاسي
وعبق من تلك الايام الباسمات
والحسرة والعَبرة
والخجل والوجل
ومفردات …
من الكلمات وامنيات ليال حالمات
باتت حالكات
آه ايها القاطنون هناك
في الافق البعيد البارد
هنا اشيائكم وخصلات شعركم
واوراقكم.. وما بقي من احلامكم
والتماعات عيونكم
وضحكاتكم
في الزوايا.. وفي عمق ذاكرتي
باقية بعناد
لو تعلمون كم احبكم
كم سعيدة كانت لياليَّ العتيقة
بألوان من طيف وجوهكم

(5)
الازاهير المنسية على جنبات الطرق
تهمس لي.. وتتساءل ..
ترى اين ذاك الضجيج الشجي؟
كل ليلة يتلوها نهار
وتمر الليالي..
تتلوها النهارات بتكرار مخيف
حتى أخطأ في العد احبائي
وباتت العتمة في وضح النهار
ومن عمقها اقول
ربما
من العتمة يولد الضياء

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *